للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يدرك مراتب المحبوب والمكروه على ما هي (١) عليه، وإمّا لضعفٍ في النفس وعجزٍ في القلب لا يطاوعه لإيثار الأصلح له، مع (٢) علمه بأنّه الأصلح. فإذا صحّ إدراكه، وقويت نفسه، وتشجّع (٣) القلب على إيثار المحبوب الأعلى والمكروه الأدنى، فقد وُفّق لأسباب السعادة.

فمن الناس من يكون سلطان شهوته أقوى من سلطان عقله وإيمانه، فيقهر الغالبُ الضعيفَ (٤). ومنهم من يكون سلطان إيمانه وعقله أقوى (٥) من سلطان شهوته.

وإذا كان كثير من المرضى يحميه الطبيب عما يضرّه، فتأبى عليه نفسه وشهوته إلا تناولَه، ويقدّم شهوته على عقله، وتسميه الأطباء "عديم المروءة"؛ فهكذا أكثر مرضى القلوب يؤثرون ما يزيد مرضَهم لقوة شهوتهم له (٦).

فأصل الشرّ من ضعف الإدراك، وضعف النفس ودناءتها. وأصل الخير من كمال الإدراك، وقوة النفس وشرفها وشجاعتها.

فالحبّ والإرادة أصل كلّ فعل ومبدؤه، والبغض والكراهة أصل كلّ ترك (٧) ومبدؤه. وهاتان القوتان في القلب أصل سعادة العبد وشقاوته.


(١) س: "ما كان".
(٢) ما عدا ز: "لرفع" وهو تحريف "له مع".
(٣) س: "وشجع".
(٤) ف، ز: "للضعيف".
(٥) "من سلطان عقله … " ساقط من ل.
(٦) "له" ساقط من ف.
(٧) س: "أصل ترك". وفي ز: "كل شيء" بدلًا من "كل فعل"، و"كل ترك".

<<  <  ج: ص:  >  >>