للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثالث عشر: أنّ الزوج لم يظهر منه من الغيرة والنخوة ما يفرّق به بينهما، ويبعد كلًّا منهما عن صاحبه، بل كان غاية ما قابلهما به أن قال ليوسف: ﴿أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾. وللمرأة: ﴿وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (٢٩)[يوسف: ٢٩] وشدة الغيرة في الرجل من أقوى الموانع، وهذا لم يظهر منه غيرة.

ومع هذه الدواعي كلّها، فآثر مرضاةَ الله وخوفَه، وحمله حبُّه لله على أن اختار السجن (١) على الزنى، فقال: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي﴾ [يوسف: ٣٣]، وعلم أنّه لا يطيق صرفَ ذلك عن نفسه، وأنّ ربّه تعالى إنْ لم يعصمْه ويصرِفْه (٢) عنه صبأ إليهنّ بطبعه، وكان من الجاهلين. وهذا من كمال معرفته بربّه وبنفسه.

وفي هذه القصة من العبر والفوائد والحكَم ما يزيد على ألف فائدة (٣)، لعلّنا إن وفّق (٤) الله أن نفردها في مصنّف مستقلّ (٥).

فصل

والطائفة الثانية الذين حكى (٦) عنهم العشق هم (٧) اللوطية، كما قال تعالى: ﴿وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (٦٨)


(١) ف: "وحمله خشية الله على اختيار السجن".
(٢) يعني: كيدهن. وفي ف: "ويصرف".
(٣) وقال نحوه في شفاء العليل (٢٢٤).
(٤) ل: "وفقنا".
(٥) لم نجد إشارة إليه في موضع آخر، ولا ندري أتمكن من تأليفه أم لا.
(٦) ل: "حكى الله".
(٧) في س: "في" مكان "هم"، تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>