للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا (١) الإقبال على الله ومعاملته وحده، وإيثار مرضاته على كلّ شيء.

فإنّ سالك هذه الطريق إن فاته حظه من الدنيا فقد ظفر بالحظ العالي الذي لا فوت معه، وإن حصل للعبد حصل له كل شيء، وإن فاته فاته كل شيء. وإن ظفر بحظه من الدنيا ناله على أهنأ الوجوه. فليس للعبد أنفع من هذه الطريق ولا أوصل منها إلى لذته وبهجته وسعادته. وبالله التوفيق.

فصل

والمحبوب قسمان: محبوب لنفسه، ومحبوب لغيره. والمحبوب لغيره لابدّ أن ينتهي إلى المحبوب لنفسه، دفعًا للتسلسل المحال. وكلّ ما سوى المحبوب الحق فهو محبوب لغيره، وليس شيء يُحَبّ لنفسه إلا الله وحده، وكلّ ما سواه مما يُحَبّ وإنّما محبته تبع لمحبة الربّ تعالى (٢)، كمحبة ملائكته وأنبيائه وأوليائه، فإنّها تبع لمحبته سبحانه، وهي من لوازم محبته، فإنّ محبة المحبوب توجب محبةَ (٣) ما يحبّه.

وهذا موضع يجب الاعتناء به، فإنّه محلّ فرقان بين المحبة النافعة لغيره، والتي (٤) لا تنفع، بل قد تضرّ.

فاعلم أنّه لا يُحَبّ لذاته إلا مَن كماله من لِوازم ذاته، وإلهيتُه وربوبيته وغناه من لوازم ذاته. وما سواه وإنّما يبغض ويكرَه لمنافاته


(١) رسمها في ل، ز: "إلى"، وكذا كان في ف، فأصلحه بعض القراء.
(٢) ز: "محبته من محبة الربّ تعالى".
(٣) "محبة" ساقط من ف.
(٤) ف: "والمحبة التي".

<<  <  ج: ص:  >  >>