للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندهم؟ فإن كان ينفعهم قولُهم: "حَسَّنَّا ظنونَنا بك (١) "، لم يعذَّبْ ظالم ولا فاسق (٢). فليصنع العبد ما شاء، وليرتكب كلّ ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنّه بالله، فإنّ النار لا تمسّه! فسبحان الله، ما يبلغ الغرور بالعبد!.

وقد قال إبراهيم لقومه: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)[الصافات: ٨٦ - ٨٧] أي: فما (٣) ظنّكم به أن يفعل بكم إذا لقيتموه، وقد عبدتم غيرَه؟

ومن تأمل هذا الموضع (٤) حقّ التأمل علِمَ أنّ حسنَ الظن بالله هو حسنُ العمل نفسه. فإنّ العبد إنما يحمله على حسن العمل حسنُ ظنّه بربه أن يجازيه على أعماله، ويثيبه عليها، ويتقبّلها منه. فالذي (٥) حمله على العمل حسنُ الظن، وكلّما (٦) حسُن ظنُّه حسُن عملُه، وإلا فحسنُ الظن مع اتباع الهوى عجز، كما في الترمذي والمسند من حديث شدّاد بن أوس عن النبي أنّه قال (٧): "الكيّس من دان نفسَه، وعمِل لما بعد الموت. والعاجز من أتبعَ نفسَه هواها، وتمنّى على


(١) خا: "بالله". ز: "حسن … ".
(٢) وقع في ف: "أنك لم تعذب ظالمًا ولا فاسقًا". وهذا مفسد للسياق. وفي ل: "ظنو بانك" وهو تحريف "ظنوننا بك".
(٣) ل، ز: "وما".
(٤) ل: "هذه المواضع".
(٥) ف: "فإن الذي".
(٦) ف، ل: "فلما". خب: "فكلما".
(٧) "أنه قال" انفردت بها ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>