للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصره من خلقه" (١).

ما اعتاض باذلُ حبّه لسواه … مِن عوضٍ ولو ملَكَ الوجودَ بأسرِهِ

فصل

وهاهنا أمر عظيم يجب على اللبيب الاعتناء به، وهو أنّ كمال اللذة والفرح والسرور ونعيم القلب وابتهاج الروح تابع لأمرين:

أحدهما: كمال المحبوب في نفسه وجماله وأنّه أولى بإيثار الحبّ (٢) من كلّ ما سواه.

والأمر الثاني: كمال محبته، واستفرغ الوسع في حبّه، وإيثار قربهِ والوصولِ إليه على كلّ شيء.

وكلّ عاقل يعلم أنّ اللذة بحصول المحبوب بحسب قوة محبته. فكلّما كانت المحبة أقوى (٣) كانت لذة المحبّ (٤) أكمل. فلذة من اشتد ظمؤه بإدراك الماء الزلال، ومن اشتدّ جوعه بأكل الطعام الشهيّ ونظائر ذلك على حسب شوقه وشدة إرادته ومحبته.

وإذا (٥) عُرف هذا فاللذة والسرور والفرح أمر مطلوب في نفسه، بل هو مقصود كلّ حيّ، وإذا كانت اللذة مطلوبة لنفسها، فهي


(١) من حديث أبي موسى الأشعري . أخرجه مسلم في الإيمان، باب في قوله : إن الله لا ينام … (١٧٩).
(٢) ل، حاشية س: "المحبة".
(٣) "أقوى" ساقط من ز.
(٤) ف: "الحب".
(٥) س: "فإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>