للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣)[الزمر: ٤٣]، وقال تعالى: ﴿مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠)[الجاثية: ١٠].

فإذا والى (١) العبد ربَّه وحده أقام له الشفعاء، وعقد الموالاة (٢) بينه وبيّن عباده المؤمنين، فصاروا أولياءه في الله، بخلاف من اتخذ مخلوقًا وليًّا من دون الله.

فهذا لون وذاك لون، كما أنّ الشفاعة الشركية الباطلة لون، والشفاعة الحقّ الثابتة التي إنّما تُنال بالتوحيد لون. وهذا موضع فرقان بين أهل التوحيد وأهل الإشراك. والله يهدي من يشاء إلى صراط

مستقيم.

والمقصود أنّ حقيقة العبودية لا تحصل مع الإشراك بالله في المحبة، بخلاف المحبة لله، فإنّها من لوازم العبودية وموجَباتها، فإنّ محبة الرسول -بل تقديمه في الحبّ (٣) على الأنفس (٤) والآباء

والأبناء- لا يتمّ الإيمان إلا بها، إذ محبته من محبة الله. وكذلك كلّ حبّ في الله ولله، كما في الصحيحين عنه أنّه قال: "ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان"- وفي لفظ في الصحيح: "لا يجد حلاوة الإيمان إلا من كان فيه ثلاث خصال-: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحبّ المرءَ لا يحبّه إلا لله، وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه


(١) ف: "فإن ولى".
(٢) ل: "وعقد له الموالاة".
(٣) "في الحب" ساقط من س. وفي ل: "في المحبة".
(٤) ف: "النفس".

<<  <  ج: ص:  >  >>