للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس على القلب أمَرُّ من وحشة الذنب على الذنب، فالله المستعان (١).

ومنها: الوحشة التي تحصل له بينه وبيّن الناس، ولا سيما أهل الخير منهم، فإنّه يجد وحشةً بينه وبينهم، وكلّما قويت تلك الوحشة بَعُدَ منهم ومن مجالستهم، وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم، وقرُبَ من حزب الشيطان بقدر ما بعُد من حزب الرحمن. وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم، فتقع بينه وبيّن امرأته وولده وأقاربه، وبينه وبيّن نفسه، فتراه مستوحشًا من نفسه!

وقال بعض السلف: إني لأعصي الله، فأرى ذلك في خُلُق دابّتي وامرأتي (٢).

ومنها: تعسير أموره عليه. فلا يتوجّه لأمر إلا يجده مغلقًا دونه، أو متعسّرًا عليه. وهذا كما أنّ من اتقى الله جعل له من أمره يسرًا، فمن عطّل التقوى جعل له من أمره عسرًا.

ويالله العجب! كيف يجد العبد أبوابَ الخير والمصالح مسدودةً عنه، وطرُقَها معسَّرةً عليه، وهو لا يعلم من أين أُتِيَ؟

ومنها: ظلمة يجدها في قلبه حقيقةً، يحسّ بها كما يحس بظلمة


= المنتخل (٢/ ٥٥٧):
أمستوحشٌ أنت ممّا صنعتَ
(١) ف: "والله المستعان".
(٢) من كلام فضيل بن عياض. ولفظه في الحلية (٨/ ١٠٩): " … فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي".

<<  <  ج: ص:  >  >>