للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك انسلاخه من الحياء. وإذا وصل العبد إلى هذه الحال (١) لم يبق في صلاحه (٢) مطمع، كما قيل (٣):

وإذا رأى إبليسُ طلعةَ وجهه … حَيَّا، وقال: فديتُ مَن لا يفلحُ (٤)

والحياء مشتقّ من الحياة، والغيث يسمَّى (٥) "حيًا" بالقصر لأنّ به حياةَ الأرض والنبات والدوابّ، وكذلك (٦) بالحياء حياةُ الدنيا والآخرة، فمن لا حياء فيه ميِّتٌ في الدنيا شقيٌّ في الآخرة.

وبيّن الذنوب وبيّن قلّة الحياء وعدم الغيرة تلازم من الطرفين، وكلّ منهما يستدعي الآخر، ويطلبه حثيثًا. ومن استحيا من الله عند معصيته استحيا الله من عقوبته يوم يلقاه، ومن لم يستحْيِ من معصيته لم يستحيِ من عقوبته (٧).

فصل

ومن عقوبات الذنوب: أنّها تُضْعِف في القلب تعظيمَ الربّ ، وتُضْعِف وقارَه في قلب العبد، ولابدّ، شاء أم أبى. ولو تمكّن وقارُ الله وعظمتُه في قلب العبد لما تجرّأ على معاصيه.


(١) س: "الحالة".
(٢) ل: "إصلاحه".
(٣) "كما قيل" انفردت به ف. والبيت للبحتري في ديوانه (١/ ٤٨٢).
(٤) "لا يفلح" كذا ورد في جميع النسخ، والصواب في الرواية: "لم يفلحِ" لأن رويّ الأبيات مكسور.
(٥) ف: "سمّي".
(٦) زيد في ط هنا "سميت"، وهو خطأ أدّى إليه تصحيف "بالحياء" إلى "بالحياة".
(٧) س: "ومن لم يستحي الله تعالى … ". ل: " … لم يستحي الله من عقوبته".

<<  <  ج: ص:  >  >>