للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما اغترّ المغترّ وقال: إنما يحملني على المعاصى حسنُ الرَّجاء وطمعي في عفوه، لا ضعف عظمته في قلبي.

وهذا من مغالطة النفس، فإنّ عظمةَ الله وجلالَه في قلب العبد وتعظيمَ حرماته تحول بينه وبيّن الذنوب. فالمتجرّئون (١) على معاصيه ما قدروه (٢) حقّ قدره، وكيف يقدره حقَّ قدره أو يعظِّمه ويكبّره ويرجو وقاره ويُجلّه من يهون عليه أمرُه ونهيُه؟ هذا من أمحل المحال (٣)، وأبين الباطل!

وكفى بالعاصي عقوبةً أن يضمحلَّ من قلبه تعظيمُ الله ، وتعظيمُ حرماته، ويهونَ عليه حقّه. ومن بعض عقوبة هذا: أن يرفع الله ﷿ مهابتَه من قلوب الخلق، ويهون عليهم، ويستخفّون به، كما هان عليه أمره، واستخفّ به. فعلى قدر محبة العبد لله (٤) يحبّه الناس.

وعلى قدر خوفه من الله يخافه الناس (٥)، وعلى قدر تعظيمه لله (٦) وحرماتِه يعظّم الناس (٧) حرماته.

وكيف ينتهك عبدٌ حرماتِ الله، ويطمع أن لا ينتهك الناسُ حرماته؟ أم كيف يهون عليه حقُّ الله، ولا يهوّنه الله على الناس؟ أم كيف يستخفّ


(١) ف: "والمتجرئون".
(٢) ف: "ما قدروا الله".
(٣) الميم في "المحال" زائدة، فصياغة "أمحل" منه مبنية على التوهم وقد وردت في غير مثل. انظر مجمع الأمثال (٣/ ٣٥٧ - ٣٥٩). وقد تكرر "أمحل المحال" في كتب المؤلف، انظر مثلًا زاد المعاد (١/ ٣٦، ٢٠٧، ٢٧٢)، (٢/ ١٩٢).
(٤) ف: "الله".
(٥) س، ل: "الخلق". ل، ز: تخافه.
(٦) ف: "تعظيمه الله".
(٧) ف، ز: "تعظم".

<<  <  ج: ص:  >  >>