للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا راميًا بسهام اللحظ مجتهدًا … أنتَ القتيلُ بما تَرمي فلا تُصِبِ

وباعثَ الطرْفِ يرتاد الشفاءَ له … احبِسْ رسولك لا يأتيك بالعطب (١)

وأعجب من ذلك أنّ النظرة تجرح القلبَ، فيتبعُها جرحًا على جرح، ثم لا يمنعه ألمُ الجراحة من استدعاء تكرارها. وَلي أيضًا في هذا المعنى:

ما زلتَ تُتبِعُ نظرةً في نظرةٍ … في إثر كلِّ مليحةٍ ومليحِ

وتظنّ ذاك دواءَ جرحك وَهْو في التـ … ـحقيق تجريحٌ على تجريحِ

فذبحتَ طرفَك باللِّحاظِ وبالبكا … فالقلبُ منك ذبيحٌ ايُّ ذبيحِ (٢)

وقد قيل: حبسُ اللحَظاتِ أيسرُ من دوام الحسَرات (٣).

فصل

وأما الخطرات فشأنها أصعب، فإنّها مبدأ الخير والشرّ، ومنها تتولّد الإرادات والهمم والعزائم. فمن راعى خطراتِه ملَكَ زمامَ نفسه، وقهر هواه. ومن غلبته خطراتُه فهواه ونفسه له أغلَب، ومن استهان

بالخطرات قادته قسرًا إلى الهلكات.

ولا تزال الخطرات تتردّد على القلب حتى تصير مُنًى باطلة:


(١) س: "احبس بريدك". والبيتان في الروضة (١٩٥) وفيه: "توقّه إنه يأتيك"، وضمن أبيات في البدائع (٨١٨)، وفيه: "توقّه إنّه يرتدّ".
(٢) س: "وذبحت" وفي حاشيتها أشير إلى هذه النسخة. وفيها أيضًا: "ذبيح ابن ذبيح". وفي ل: "مثل ذبيح بن ذبيح" وكلاهما تحريف.
(٣) وسيأتي الكلام على فوائد غضّ البصر في ص (٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>