للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن استعان عليه بمن يستميله إليه، إما برغبة أو رهبة (١)، تعدّى الظلم وانتشر، وصار ذلك الواسطة ديّوثًا ظالمًا (٢). وإذا كان النبي قد لعن الرائش (٣) -وهو الواسطة بين الراشي والمرتشي في إيصال الرشوة- فما الظنّ بالديوث الواسطة (٤) بين العاشق والمعشوق في الوصلة المحرّمة؟ فيتساعد العاشق والديّوث على ظلم المعشوق وظلم غيره ممن يتوقف حصول غرضهما على ظلمه في نفس أو مال أو عرض. فإنّه كثيرًا ما يتوقف المطلوب فيه على قتل نفسٍ تكون حياتها مانعةً من غرضه. فكم من قتيل طُلّ دمه بهذا السبب من زوج وسيّد وقريب! وكم خُبِّبت (٥) امرأة على بعلها، وجارية وعبد على سيّدهما! وقد لعن


(١) ف، ل: "برهبة".
(٢) س: "ظلمًا"، خطأ.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٢٧٩ (٢٢٣٩٩) وغيره من طريق ليث بن أبي سليم عن أبي الخطاب عن أبي زرعة عن ثوبان قال: "لعن رسول الله الراشي والمرتشي والرائش".
والحديث مداره على ليث وهو ضعيف الحفظ وقد اضطرب فيه كثيرًا. وأيضًا أبو الخطاب مجهول، وأبو زرعة لم يسمع من ثوبان. ولفظة "الرائش" لم يروها إلا ليث. انظر طرقه في تحقيق المسند (٣٧/ ٨٦). والحديث ضعفه الحاكم والمنذري والهيثمي.
قلت: وورد عن عبد الله بن عمرو أنه قال: "لعن رسول الله الراشي والمرتشي". أخرجه الترمذي (١٣٢٧) وابن الجارود (٥٨٦) وابن حبان (٥٠٧٧) والحاكم ٤/ ١١٥ (٧٠٦٦) وغيرهم. والحديث صححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان والحاكم وغيرهم.
(٤) ف ز: "الذي" مكان "الواسطة".
(٥) ف: "خُبّب". وختبت، أي خدعت وأفسدت، كما في الحديث الذي أشار إليه المؤلف: "من خبّب عبدًا على أهله فليس منا، ومن أفسد امرأة على زوجها =

<<  <  ج: ص:  >  >>