فإخوانكم قد مهّدوا الدارَ قبلكم … وقالوا: إلينا عجِّلوا لكم (١) البشرى
وها نحن أسلاف لكم في انتظاركم … سيجمعنا الجبَّارُ في ناره الكبرى (٢)
ولا تحسَبوا أنّ الذين نكحتمُ … يغيبون عنكم بل ترونهمُ جَهْرا
ويلعن كلٌّ منكمُ لخليله … ويشقَى به المحزونُ في الكرّة الأخرى
يعذَّب كلٌّ منهمُ بشريكه … كما اشتركا في لذّةٍ تُوجِب الوِزْرا
فصل في الأجوبة عما احتجّ به من جعل عقوبة هذه الفاحشة دون عقوبة الزنى
أما قولهم: إنّها معصية لم يجعل الله فيها حدًّا معيّنًا، فجوابه من وجوه:
أحدها: أنّ المبلِّغ عن الله جعل حدَّ صاحبها القتلَ حتفًا، وما شرعه رسول الله ﷺ فإنّما شرعه عن الله. فإنْ أردتم أنّ حدّها غير معلوم بالشرع فهو باطل، وإن أردتم أنّه غير ثابت بنصّ الكتاب لم يلزم من ذلك انتفاء حكمه لثبوته بالسنّة.
الثاني: أنّ هذا ينتقض عليكم بالرجم، فإنّه إنما ثبت بالسنّة.
فإن قلتم: بل ثبت بقرآن نُسِخَ لفظه وبقي حكمه، قلنا: فينتقض عليكم بحدّ شارب الخمر.
الثالث: أن نفي دليل معيّن لا يستلزم نفيَ مطلق الدليل ولا نفيَ
(١) ت: "فقالوا".
(٢) ل، ز: "أسلافًا". ف: "سيجمعنا الرحمن".