للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من يكون نزوله إلى معصية: إما صغيرة أو كبيرة (١)، فهذا يحتاج في عوده إلى درجته إلى توبة نصوح وإنابة صادقة.

واختلف الناس: هل يعود بعد التوبة (٢) إلى درجته التي كان فيها، بناءً على أنّ التوبة تمحو أثر الذنب، وتجعل وجوده كعدمه، فكأنّه لم يكن؛ أو لا يعود بناءً على أنّ التوبة تأثيرها في (٣) إسقاط العقوبة، وأما الدرجة التي فاتته فإنّه لا يصل إليها (٤)؟

قالوا (٥): وتقرير ذلك أنّه كان مستعدًّا باشتغاله بالطاعة في الزمن الذي عصى فيه لصعود آخر، وارتفاعُه (٦) بجملة أعماله السالفة بمنزلة كسب الرجل كلّ يوم بجملة ماله الذي يملكه، وكلّما تضاعف المال تضاعف الربح. فقد راح عليه في زمن المعصية ارتفاع وربح بجملة أعماله، فإذا (٧) استأنف العمل استأنف صعودًا من نزول، وكان قبل ذلك صاعدًا من صعود (٨)، وبينهما بون عظيم.

قالوا: ومَثَلُ ذلك رجلان مرتقيان في سلّمين لا نهاية لهما، وهما سواء، فنزل أحدهما إلى أسفل ولو درجةً واحدة، ثم استأنف الصعود،


(١) ف: "كبيرة أو صغيرة".
(٢) ف: "بالتوبة". ووقع "بعد التوبة" في ز بعد "فيها".
(٣) س: "على".
(٤) قد أفاض المؤلف الكلام في هذه المسألة في طريق الهجرتين (٥٠٦ - ٤٥٤) وانظر المدارج (١/ ٢٩١ - ٢٩٤).
(٥) "قالوا" لم يرد في س.
(٦) ما عدا س: "وارتقاء".
(٧) ز: "واستأنف".
(٨) ما عدا س: "من علو".

<<  <  ج: ص:  >  >>