للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه وإرادته (١)، فاستعملها (٢) فيما ينفعه، وكفّها عما يضرّه.

وفي ذلك تفاوتت (٣) معارفُ الناس وهممُهم ومنازلُهم. فأعرفُهم من كان عارفًا بأسباب السعادة والشقاوة، وأرشَدُهم من آثر هذه على هذه، كما أن أسفَههم من عكسَ الأمَر.

والمعاصي تخون العبد أحوجَ ما كان إلى نفسه في تحصيل هذا العلم وإيثار الحظّ الأشرف العالي الدائم على الحظّ الخسيس الأدنى المنقطع، فتحجبه الذنوبُ عن كمال هذا العلم، وعن الاشتغال

بما هو أولى به وأنفع له في الدارين.

فإذا (٤) وقع في مكروه، واحتاج إلى التخلّص منه، خانه قلبُه ونفسُه وجوارحُه، وكان بمنزلة رجل معه سيفٌ قد غشِيَه الجرَبُ (٥)، ولزم قِرابَه (٦) بحيث لا ينجذب مع صاحبه إذا جذبه، فعرض له عدوّ يريد قتلَه، فوضع يده على قائم سيفه، واجتهد ليخرجه، فلم يخرج معه، فدهمه العدوّ، وظفر به.


(١) ل: "وإرادته لها".
(٢) ز: "واستعملها".
(٣) ف: "تفاوت".
(٤) ف: "وإذا".
(٥) الجرَب: الصدأ يركب السيف. (اللسان. جرب) عن ابن الأعرابي: سيف أجرب، إذا كثف الصدأ عليه حتى يحمرّ، فلا ينقلع عنه إلّاَ بالمسحل.
(الأساس- جرب). والمسحل: المبرد.
ولعل كلمة الجرب أشكلت، فاستبدلت بها في ط المدني وعبد الظاهر وغيرهما: "الصدأ"، كما حذفوا "ويجرب" الآتية بعد أسطر.
(٦) قِراب السيف: غمده.

<<  <  ج: ص:  >  >>