للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظرة من الإنس!

فيا نظرة من قلبِ حُرٍّ منوَّرٍ … يكاد لها الشيطانُ بالنور يحرَقُ

أفيستوي هذا القلبُ، وقلبٌ مظلمة (١) أرجاؤه، مختلفةٌ أهواؤه، قد اتخذه الشيطانُ وطنَه، وأعدَّه مسكنَه. إذا تصبّح بطلعته حيّاه، وقال: فديتُ مَن لا يفلح في دنياه ولا في أخراه (٢)!

قرينُك في الدنيا وفي الحشر بعدها … فأنت قرينٌ لي بكلّ مكانِ

فإنْ كنتَ في دار الشقاء فإنّني … وأنت جميعًا في شقًا وهوان

قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩)[الزخرف: ٣٦ - ٣٩].

فأخبر سبحانه أن من عشا عن ذكره -وهو كتابه الذي أنزله (٣) على رسوله- فأعرض عنه، وعميَ عنه، وعشَتْ بصيرتُه عن فهمه وتدبّره ومعرفةِ مراد الله منه = قيّض الله له شيطانًا عقوبةً له بإعراضه عن كتابه.

فهو قرينه الذي لا يفارقه في الإقامة ولا في المسير، ومولاه وعشيره الذي هو بئس المولى وبئس العشير.


(١) س، ل: "مظلم".
(٢) عبارة المؤلف ناظرة إلى قول البحتري، وقد سبق في ص (١٧٠):
وإذا رأى إبليس طلعة وجهه … حيّا وقال: فديتُ من لم يفلح
(٣) ل: "أنزل".

<<  <  ج: ص:  >  >>