للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخلوقات إليه إلا لأنّ الجهاد (١) أحبُّ شيء إليه، وأهله أرفع الخلق عنده درجاتٍ، وأقربهم إليه وسيلةً. فعقد سبحانه لواء هذا الحرب (٢) لخلاصة مخلوقاته، وهو القلب الذي هو محلُّ معرفتِه، ومحبّتِه، وعبوديتِه، والإخلاصِ له، والتوكلِ عليه، والإنابةِ إليه. فولّاه أمرَ هذا الحرب، وأيّده بجند من الملائكة لا يفارقونه، معقِّبات (٣) من بين يديه ومن خلفه، يُعقِبُ بعضُهم بعضًا، كلّما ذهب بَدَلٌ جاء بَدَلٌ آخر، يثبّتونه، ويأمرونه بالخير، ويحضّونه عليه، ويعِدُونه بكرامة الله، ويصبّرونه، ويقولون: إنما هو صبر ساعة، وقد استرحتَ راحة الأبد.

ثم أمدّه سبحانه بجند آخر من وحيه وكلامه، فأرسل إليه رسوله، وأنزل إليه كتابه، فازداد قوةً إلى قوته، ومددًا إلى مدده (٤)، وعدّةً إلى عدّته.

وأمدّه (٥) مع ذلك بالعقل وزيرًا له ومدبّرًا، وبالمعرفة مشيرة عليه ناصحةً له، وبالإيمان مثبّتًا له ومؤيدًا وناصرًا (٦)، وباليقين كاشفًا له عن حقيقة الأمر. حتّى كأنه يعاين (٧) ما وعد الله به (٨) أولياءَه وحزبَه


(١) ف: "أن الجهاد".
(٢) كذا في النسخ هنا وفيما يأتي، والحرب مؤنثة، وقد تذكّر. انظر: القاموس (حرب).
(٣) ف: "له معقبات".
(٤) انفردت ز هنا بزيادة: "وأعوانًا إلى أعوانه".
(٥) ف: "وأيده".
(٦) ز: "ناصرًا ومؤيدًا".
(٧) أشار في حاشية س إلى أن في نسخة: "معاين".
(٨) لم يرد "به" في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>