للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسكين الذي لا يسأل الناس، ولا يُفطَن له فيتُصدّقَ عليه" (١) ونظائره كثيرة.

والمقصود أنّ من عقوبات المعاصي جعلَ القلبِ أعمى أصمّ أبكم.

ومنها: الخسف بالقلب، كما يخسف بالمكان وما فيه، فيخسف به إلى أسفل سافلين، وصاحبه لا يشعر. وعلامة الخسف به أن لا يزال جوّالًا حول السفليات والقاذورات والرذائل، كما أنّ القلب الذي رفعه الله وقرّبه إليه لا يزال جوّالًا حول البر والخير ومعالي الأعمال والأقوال والأخلاق.

قال بعض السلف: إنّ هذه القلوب جوّالة، فمنها ما يجول حول العرش، ومنها ما يجول حول الحُشّ (٢).

ومنها: مسخ القلب، فيُمسَخ كما تمسخ الصورة، فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه وأعماله وطبيعته. فمن القلوب ما يمسَخ على خُلُق خنزير (٣) لشدة شبه صاحبه به (٤)، ومنها ما


(١) من حديث أبي هريرة أيضًا. أخرجه البخاري في الزكاة، باب قول الله ﷿ ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ … (١٤٧٩)؛ ومسلم في الزكاة، باب المسكين الذي لا يجد غنى … (١٠٣٩).
(٢) ذكره المؤلف في المفتاح (١/ ٤٦٦)، وشيخ الإِسلام في مجموع الفتاوى (٥/ ٥٢٤). وهو من كلام أحمد بن خضرويه البلخي من أصحاب حاتم الأصمّ (٢٣٧ هـ). طبقات الصوفية (١٠٤)، صفة الصفوة (٢/ ٢٩٥). والحشّ: موضع قضاء الحاجة.
(٣) ف: "قلب خنزير".
(٤) "شبه" ساقط من ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>