للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَبَر، وصابرَ، ورابَطَ، واتّقى الله، فله (١) العاقبة في الدنيا والآخرة (٢). وقد حكم الله حكمًا لا يبدّل أبدًا أنّ العاقبة للتقوى، والعاقبة للمتقين (٣).

فالقلب لوح فارغ، والخواطر نقوش تُنْقَش فيه، فكيف يليق بالعاقل أن تكون نقوش لوحه ما بين كذب، وغرور، وخدع، وأماني باطلة، وسراب لا حقيقة له؟ فأيّ حكمة وعلم وهدًى ينتقش مع (٤) هذه النقوش؟ وإذا أراد أن ينتقش ذلك في لوح قلبه كان بمنزلة كتابة العلم النافع في محلٍّ مشغول بكتابة ما لا منفعة فيه. فإنْ لم يُفرِّغ القلبَ من الخواطر الرديّة لم يستقرّ فيه الخواطر النافعة، فإنّها لا تستقرّ إلا في محل فارغ، كما قيل:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى … فصادف قلبًا خاليًا فتمكّنا (٥)

ولهذا كثير من أرباب السلوك بنَوا سلوكهم (٦) على حفظ الخواطر، وأن لا يمكّنوا خاطرًا يدخل قلوبهم، حتّى تصير القلوب فارغةً قابلةً للكشف وظهور حقائق العُلويّات (٧) فيها.

وهؤلاء حفظوا شيئًا، وغابت عنهم أشياء، فإنّهم أخلَوا القلوب من


(١) ف: "فإنّ له".
(٢) يشير إلى الآية الكريمة (٢٠٠) من سورة آل عمران.
(٣) كما جاء في سورة الأعراف (١٢٨)، وهود (٤٩)، وطه (١٣٢) وغيرها.
(٤) س: "من".
(٥) بيت سائر نسبه المؤلف في روضة المحبين (٢٤٠) إلى قيس بن الملوّح وهو مجنون ليلى، وينسب إلى غيره. انظر ديوان المجنون (٢١٩).
(٦) ز: "يتراسلوا لهم". وفي ل: "الشكوك بنوا شكوكهم". وكلاهما تحريف.
(٧) ف: "المعلومات". وفي حاشية س إشارة إلى هذه النسخة. وهي تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>