للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩)[الأنعام:١٢٨ - ١٢٩]، ولذّةِ أصحاب الفواحش والظلم والبغي في الأرض والعلوّ بغير الحق.

وهذه اللذّات في الحقيقة إنّما هي استدراج من الله لهم، ليذيقهم بها أعظم الآلام، ويحرمهم بها أكملَ اللذّات، بمنزلة من قدّم لغيره طعامًا لذيذًا مسمومًا يستدرجه به (١) إلى هلاكه.

قال تعالى: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣)[الأعراف: ١٨٢، ١٨٣].

قال بعض السلف في تفسيرها: كلّما أحدثوا ذنبًا أحدثنا لهم نعمةً (٢). ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥)[الأنعام: ٤٤، ٤٥].

وقال تعالى في أصحاب (٣) هذه اللذّات: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦)[المؤمنون: ٥٥، ٥٦].

وقال في حقّهم: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)[التوبة: ٥٥].

وهذه اللذّات تنقلب آخرًا آلامًا من أعظم الآلام، كما قيل:


(١) "به" ساقط من ز.
(٢) جاء عن الضحاك قال: "كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة". ذكره الواحدي في الوسيط (٢/ ٤٣١) والبغوي في تفسيره (٣/ ٣٠٨). وجاء عن عبد الله بن داود الخريبي أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر (١١٦)، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (٧/ ٧) والبيهقي في الأسماء والصفات (١٠٢٤)، وسنده صحيح. وجاء عن يحيى بن المثنى عن أبي الشيخ (الدر المنثور ٣/ ٢٧٢).
(٣) ل: "لأصحاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>