للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجع في هذا الشأن. وما صحّحه، بل ولا حسّنه أحد يُعوَّل في علم الحديث عليه، ويُرجَع في التصحيح (١) إليه؛ ولا مَن عادتُه التساهل والتسامح، فإنّه لم يُطنِّف (٢) نفسَه له. ويكفي أن ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف، ويروي منها الغثّ والسمين والمنخنقة والموقودة قد أنكره، وحكم ببطلانه (٣).

نعم، ابن عبّاس غير مستنكَر ذلك عنه. وقد ذكر أبو محمَّد بن حزم عنه أنَّه سئل عن الميت عشقًا، فقال: قتيل الهوى، لا عقل ولا قود! (٤) ورُفِع إليه بعرفات شابّ قد صار (٥) كالفرخ، فقال: ما شأنه؟ قالوا: العشق. فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق (٦). فهذا نفَس من قال: من عشِق وعفَّ وكتَم ومات، فهو شهيد.

ومما يوضح ذلك أنّ النبي عدّ الشهداء في الصحيح، فذكر المقتول في الجهاد، والمبطون، والحرِق، والنفَساء يقتلها ولدها، والغرِق، وصاحب ذات الجنب (٧)، ولم يعُدّ منهم العاشق يقتله العشق.


(١) ف، ل: "الصحيح"، تحريف.
(٢) ل: "يطيف"، تصحيف. طنّفه بالأمر: اتهمه به. وطنّف للأمر: قارفه. وطنّف نفسه إلى الشيء: أدناها إلى الطمع فيه. ولعل المقصود أن المتساهل أيضًا لم يدفع نفسه إلى تصحيح الحديث.
(٣) وذكره في تذكرة الموضوعات (٩١) كما سبق.
(٤) طوق الحمامة (٦). وقد سقط من س "لا عقل".
(٥) ز: "صار" دون "قد".
(٦) سبق تخريجه (٤٩٨).
(٧) أخرجه الإِمام مالك في الموطأ، كتاب الجنائز، باب النهي عن البكاء على الميت (٥٥٥) من حديث جابر بن عتيك. قال النووي: "وهذا الحديث الذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>