للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسودَ باردًا في زمن الشتاء، فإنّ ذلك دليل وعلامة على أنّه يمطر.

قالوا (١): وهكذا حكم الطاعات مع الثواب، والكفر والمعاصي مع العقاب، هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب، لا أنّها أسباب له.

وهكذا عندهم الكسر مع الانكسار، والحريق (٢) مع الإحراق، والإزهاق مع القتل. ليس شيء من ذلك سببًا ألبتة، ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه إلا مجرد الاقتران العادي، لا التأثير السببي (٣).

وخالفوا بذلك الحس، والعقل، والشرع، والفطرة، وسائر طوائف العقلاء، بل أضحكوا عليهم العقلاء (٤)!

والصواب أنّ ها هنا قسمًا ثالثًا غير ما ذكره السائل، وهو أن هذا المقدور (٥) قُدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء. فلم يقدر مجردًا عن سببه، ولكن قدر بسببه. فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور (٦)، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور. وهذا كما قُدر الشبع والريّ بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه (٧). وكذلك قُدر دخول الجنة بالأعمال،


(١) "قالوا" ساقط من س.
(٢) س: "الحرق".
(٣) انظر: طريق الهجرتين (١٩٦، ٢٠٦) وشفاء العليل (١٨٨).
(٤) "بل … العقلاء" ساقط من ز.
(٥) ز: "المقدر".
(٦) س: "المقدر".
(٧) ز: "بالذبح".

<<  <  ج: ص:  >  >>