للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: ٦١].

"يخبر تعالى، عن عموم مشاهدته، واطلاعه على جميع أحوال العباد في حركاتهم، وسكناتهم، وفي ضمن هذا الدعوة لمراقبته على الدوام" (١).

وقال تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة: ٢٣٥]، وقال: {إِنَّ اللّهَ لَا يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء} [آل عمران: ٥]، وقال: {وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء: ١٠٨]، وقال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: ٧].

قال ابن الجوزي: "الحق عز وجل أقرب إلى عبده من حبل الوريد، لكنه عاملَ العبدَ معاملة الغائب عنه، البعيد منه، فأمر بقصد نيته، ورفع اليدين إليه، والسؤال له، فقلوب الجهال تستشعر البعد؛ ولذلك تقع منهم المعاصي إذ لو تحققت مراقبتهم للحاضر الناظر لكفوا الأكف عن الخطايا، والمتيقظون علموا قربه فحضرهم المراقبة، وكفتهم عن الانبساط" (٢).

قال الشاعر:

إذا ما خَلَوْتَ الدَّهرَ يوماً فلا تَقُلْ … خَلَوتُ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ

ولا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ سَاعةً … ولا أنَّ ما تُخفِي عَلَيْهِ يَغِيبُ

ألم ترَ أنّ اليومَ أسرعُ ذاهبٍ … وأنّ غداً للناظرين قريبُ (٣).


(١) تفسير السعدي (ص: ٣٦٧).
(٢) صيد الخاطر، لابن الجوزي (ص: ١٤٩).
(٣) إحياء علوم الدين، للغزالي (٤/ ٣٩٨).

<<  <   >  >>