قال ابن القيم: لم يقدر الله حق قدره من هان عليه أمره فعصاه، ونهيه فارتكبه، وحقه فضيعه، وذكره فأهمله، وغفل قلبه عنه، وكان هواه آثر عنده من طلب رضاه، وطاعة المخلوق أهم عنده من طاعة الله، فللهِ الفضْلةُ من قلبه وعلمه وقوله وعمله وماله، وسواه المقدَّم في ذلك؛ لأنه المهم عنده، يستخف بنظر الله إليه واطلاعه عليه وهو في قبضته وناصيته بيده؟! ويعظم نظر المخلوق إليه واطلاعه عليه بكل قلبه وجوارحه، ويستخفي من الناس ولا يستخفي من الله ويخشى الناس ولا يخشى الله، ويعامل الخلق بأفضل ما عنده وما يقدر عليه؟! وإن عامل الله عامله بأهون ما عنده وأحقره، وإن قام في خدمة من يحبه من البشر قام بالجد والاجتهاد، وبذل النصيحة وقد أفرغ له قلبه وجوارحه، وقدمه على كثير من مصالحه حتى إذا قام في حق ربه إن ساعد القدر قام قيامًا لا يرضاه مخلوق من مخلوق مثله، وبذل له من ماله ما يستحي أن يواجه به مخلوق مثله!!