للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمراض القلب:

إن كثيراً من الناس يحرصون حرصًا شديداً على سلامة قلوبهم من الأمراض الحسية، وقلّ من ينتبه منهم إلى أمراض القلب المعنوية، وأمراض القلب المعنوية أخطر من أمراضه الحسية؛ فإن المرض المعنوي إذا لم يداوَ فقد يؤدي إلى مرض الروح وموتها، فإن مات الجسد على ذلك فإلى النار يكون المصير. وأما الأمراض الحسية فإنها قد تعتري الإنسان وقد لا تؤدي إلى الموت الحسي، فإن أدت إليه وكان الإنسان المصاب بها مؤمنًا صابراً فإلى الجنة مآله وعلى الله ثوابه.

إن الأمراض التي تصيب القلب أمراض كثيرة؛ فمنها: الكفر والنفاق والرياء والعجب والقسوة والشكوك والشهوات والشبهات والجهل والحزن والغم والهم والحسد والغيظ والحقد، وغير ذلك.

وقد لا يشعر الإنسان بشدة مرضه ببعض هذه الأمراض، ولكن هناك علامات يدرك بها المرء مرضه، فمن" علامات أمراض القلوب: عدولها عن الأغذية النافعة الموافقة لها إلى الأغذية الضارة، وعدولها عن دوائها النافع إلى دائها الضار. فهنا أربعة أمور: غذاء نافع، ودواء شافٍ، وغذاء ضار، ودواء مهلك. فالقلب الصحيح يؤثر النافع الشافي على الضار المؤذي، والقلب المريض بضد ذلك. وأنفع الأغذية غذاء الإيمان، وأنفع الأدوية دواء القرآن، وكل منهما فيه الغذاء والدواء" (١).

وهذه الأمراض لا تعالج في مشفى أو عيادة أو لدى طبيبِ بدن، ولكنها تعالج بالوحي، فالذي خلق القلب وجعله ملك الجسد هو الذي يداويه، "فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهمًا في كتابه" (٢). فمثلاً سورة الفاتحة تسمى الشافية، ومن أشفيتها: اشتمالها على


(١) إغاثة اللهفان، لابن القيم (١/ ٧٠).
(٢) زاد المعاد، لابن القيم (٤/ ٣٢٢).

<<  <   >  >>