للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هشام بن عبد الملك وخلَّف أحد عشر ابناً فقسِّمت تركته وأصاب كل واحد من تركته ألف ألف، ورأيت رجلاً من ولد عمر بن عبد العزيز قد حمل في يوم واحد على مائة فرس في سبيل الله عز وجل، ورأيت رجلاً من ولد هشام يُتصدق عليه!! " (١).

ما لنا نكره الموت؟!

دخل أبو حازم على سليمان بن عبد الملك، فقال: يا أبا حازم، مالنا نكره الموت؟! قال: لأنكم عمرتم دنياكم وأخربتم آخرتكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب، قال: فأخبرني كيف القدومُ على اللهّ، قال: أما المحسن فكالغائب يأتي أهله مسروراً، وأما المسيء فكالعبد الآبق يأتي مولاه مَحْزوناً، قال: فأي الأعمال أفضل؟ قال: أداء الفرائض مع اجتناب المحارم، قال: فأي القول اعْدَلُ؟ قال: كلمة حق عند من تخاف وترجو؟ قال: فأي الناس أعقل؟ قال: من عمل بطاعة اللّه؟ قال: فأي الناس أجهل؟ قال: من باع آخرته بدنيا غيره. قال: عِظْنِي وأوجز، قال: يا أمير المؤمنين، نَزِّه ربك وعَظِّمه بحيث أن يراك تجتنب ما نهاك عنه، ولا يفقدك من حيث أمرك به، فبكى سليمان بكاءً شديداً، فقال له بعض جلسائه: أسرفت- ويحك- على أمير المؤمنين، فقال له أبو حازم: اسكت؛ فإن اللّه عز وجل أخَذَ الميثاق على العلماء ليبيننّه للناس ولا يكتمونه. ثم خرج، فلما صار إلى منزله بعث إليه سليمان بمالٍ فردَّه، وقال للرسول: قل له: واللّه، يا أمير المؤمنين، ما أرضاه لك، فكيف أرضاه لنفسي؟ " (٢).

ثمن شربة ماء وخروجها!

دخل ابن السِّماك يومًا على الرشيد فاستسقى الرشيد فأُتي بقُلَّة فيها ماء مبرَّد، فقال لابن السماك: عظني. فقال: "يا أمير المؤمنين، بكم كنت مشتريًا هذه الشربة لو مُنِعتَها؟ فقال: بنصف ملكِي، فقال: اشرب هنيئًا، فلما شرب قال: أرأيتَ لو مُنعت خروجها من


(١) الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار، للصلابي (٤/ ١٠).
(٢) مروج الذهب، للمسعودي (١/ ٤٢٦).

<<  <   >  >>