للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الخاشعين، واسمعوا بعض أخبارهم؛ لعل في ذلك شحذاً للهمة، وعونًا على القيام في الليالي المظلمة.

=عن عائشة رضي الله عنها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: (أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً). فلما كثر لحمه صلى جالسًا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع (١).

=عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نعمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل). قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا (٢).

=عن الربيع بن عبد الرحمن قال: قال الحسن: "لقد صحبت أقوامًا يبيتون لربهم في سواد هذا الليل سجداً وقياماً، يقومون هذا الليل على أطرافهم تسيل دموعهم على خدودهم، فمرة ركعًا ومرة سجداً، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، لم يملوا كلال السهر لما قد خالط قلوبهم من حسن الرجاء في يوم المرجع، فأصبح القوم بما أصابوا من النصب لله في أبدانهم فرحين، وبما يأملون من حسن ثوابه مستبشرين. فرحم الله امرءاً نافسهم في مثل هذه الأعمال، ولم يرضَ من نفسه لنفسه بالتقصير في أمره واليسير من فعله؛ فإن الدنيا عن أهلها منقطعة، والأعمال على أهلها مردودة، قال: ثم يبكي حتى تبتل لحيته بالدموع (٣).

=وقال الفضيل بن عياض: "أدركت أقوامًا يستحيون من الله في سواد الليل من طول الهجعة، إنما هو على الجنب، فإذا تحرك قال: ليس هذا لكِ، قُومي خذي حظكِ من الآخرة (٤).


(١) رواه البخاري (٤/ ١٨٣٠) ومسلم (٤/ ٢١٧٢).
(٢) رواه البخاري (٣/ ١٣٦٧).
(٣) التهجد وقيام الليل، لابن أبي الدنيا (ص: ٣٤٠).
(٤) حلية الأولياء، لأبي نعيم (٨/ ١٠٨).

<<  <   >  >>