للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جعله خاتمة الأعمال الصالحة كما كان مفتاحها، التاسع: الإخبار عن أهله بأنهم هم أهل الانتفاع بآياته وأنهم أولو الألباب دون غيرهم، العاشر: أنه جعله قرين جميع الأعمال الصالحة وروحها، فمتى عدمته كانت كالجسد بلا روح" (١). ثم فصّل ابن القيم رحمه الله في هذه الأمور واستدل لها.

سابعًا: أنه حصن حصين من الشيطان اللعين، عن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ..... وآمركم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سِراعًا في أثره حتى أتى حصنًا حصينًا فأحرز نفسه فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله) (٢).

قال ابن القيم: " كل ذي لبٍّ يعلم أنه لا طريق للشيطان عليه إلا من ثلاث جهات: أحدها: التزيد والإسراف، فيزيد على قدر الحاجة، فتصير فضلة وهي حظ الشيطان ومدخله إلى القلب، وطريق الاحتراز من إعطاء النفس تمام مطلوبها من غذاء أو نوم أو لذة أو راحة، فمتى أغلقت هذا الباب حصل الأمان من دخول العدو منه، الثانية: الغفلة؛ فإن الذاكر في حصن الذكر، فمتى غفل فتح باب الحصن فولجه العدو فيعسر عليه أو يصعب إخراجه، الثالثة: تكلف ما لا يعنيه من جميع الأشياء … " (٣).

وقال أيضًا: " فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقًا بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى، وأن لا يزال لهِجًا بذكره؛ فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصده، فإذا غفل وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله تعالى انخنس عدو الله تعالى وتصاغر وانقمع، حتى يكون


(١) مدارج السالكين، لابن القيم (٢/ ٤٢٤).
(٢) رواه الترمذي (٥/ ١٤٨)، وابن حبان (١٤/ ١٢٤)، وهو صحيح.
(٣) الفوائد، لابن القيم (ص: ١٩١).

<<  <   >  >>