للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تواقة، تاقت إلى فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، وتاقت إلى الإمارة فوليتها، وتاقت إلى الخلافة فأدركتها، وقد تاقت إلى الجنة فأرجو أن أدركها إن شاء الله عز وجل" (١). وقال ابن عبد ربه:

والحرُّ لا يكتفي منْ نيلِ مكرمةٍ … حتَّى يرومَ التي منْ دونها العطبُ

يسعى بهِ أملٌ منْ دونهُ أجلٌ … إنْ كفَّهُ رَهَبٌ يَسْتَدْعِهِ رَغَبُ

لذلكَ ما ساْلَ موسى ربَّهُ: أرني … أنظرْ إليكَ وفي تسآلهِ عجبُ

يَبْغي التَّزَيُّدَ فِيما نَالَ مِنْ كَرَمٍ … وَهْوَ النَّجِيُّ، لَدَيْه الوَحْيُ والكُتُبُ (٢).

وأنشد النابغة الجعدي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدة يقول فيها:

علونا السماءَ عفةً وتكرُّماً … وإنا لنبغي فوق ذلك مظهراً

فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أين المظهر يا أبا ليلى؟ فقال: الجنة، يا رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجل، إن شاء الله" (٣). (٤).

إن ديننا الحنيف يحث على علو الهمة، ويدعو إلى قوة العزيمة في طِلاب الأمور النبيلة، فقد قال رسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها) (٥). وفي الدعاء يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمَ إلى أن لا يقنع بسؤال دخول الجنة فحسب، بل بسؤال الله إدخاله الفردوسَ الذي هو أوسط الجنة وأعلاها، فيقول عليه الصلاة والسلام: (فإذا سألتم اللهَ فسلوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجّرُ أنهار الجنة) (٦).


(١) وفيات الأعيان، لابن خلكان (٢/ ٣٠١).
(٢) ديوان ابن عبد ربه (ص: ١٤).
(٣) العمدة في محاسن الشعر وآدابه، لابن رشيق القيرواني (ص: ١٢).
(٤) قال الهيثمي: " رواه البزار، وفيه يعلى بن الأشدق وهو ضعيف". مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٨/ ٤٣).
(٥) رواه الطبراني، المعجم الكبير (٣/ ١٣١)، وهو صحيح.
(٦) رواه البخاري (٦/ ٢٧٠٠).

<<  <   >  >>