للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن أبي موسى قال: أتى النبيُّ- صلى الله عليه وسلم- أعرابيًا فأكرمه، فقال له: ائتنا، فأتاه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: سل حاجتك فقال: ناقة نركبها، وأعنزاً يحلبها أهلي! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: عجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل؟ قال: إن موسى لما سار ببني إسرائيل من مصر ضلوا الطريق فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم: إن يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقًا من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا قال: فمن يعلم موضع قبره؟ قال: عجوز من بني إسرائيل، فبعث إليها فأتته فقال: دليني على قبر يوسف قالت: حتى تعطيني حكمي، قال: ما حكمك؟ قالت: أكون معك في الجنة. فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه: أنِ اعطها حكمَها، فانطلقت بهم إلى بحيرة- موضع مستنقع ماء- فقالت: نضبوا هذا الماء، فأنضبوا، قالت: احتفروا واستخرجوا عظام يوسف (١)، فلما أقلوها إلى الأرض، إذا الطريق مثل ضوء النهار) (٢).

لكن ربيعة بن كعب رضي الله عنه لم يكن كهذا الأعرابي، بل سمت به همته إلى شيء أعظم من ذلك، فعنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوَضوئه وحاجته، فقال لي: (سَلْ)، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: (أوَ غيرَ ذلك)؟ قلت: هو ذاك. قال: (فأعني على نفسك بكثرة السجود) (٣). وعند الطبراني: كنت أخدم رسول


(١) قال الألباني: فائدة: كنت استشكلت قديماً قوله في هذا الحديث: (عظام يوسف)؛ لأنه يتعارض بظاهره مع الحديث الصحيح: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"حتى وقفت على حديث ابن عمر رضي الله عنهما. "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن، قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبراً يا رسول الله، يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: بلى فاتخذ له منبراً مرقاتين". أخرجه أبو داود (١٠٨١) بإسناد جيد على شرط مسلم. فعلمت منه أنهم كانوا يطلقون "العظام"، ويريدون البدن كله، من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، كقوله تعالى: {وقرآن الفجر} أي: صلاة الفجر. فزال الإشكال والحمد لله، فكتبت هذا لبيانه. سلسلة الأحاديث الصحيحة (١/ ٨) وبعض التاسع (١/ ٣١٢).
(٢) رواه أبو يعلى (١٣/ ١٨٩)، والحاكم، (٢/ ٤٣٩)، وهو صحيح.
(٣) رواه مسلم (١/ ٣٥٣).

<<  <   >  >>