للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعمله، فإن شفاه غسله وطهره، وإن قبضه غفر له ورحمه)، ولرواية إبراهيم السكسكي عن أبي بردة متابع أخرجه الطبراني من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده بلفظ: (إن الله يكتب للمريض أفضل ما كان يعمل في صحته ما دام في وثاقه) الحديث، وفي حديث عائشة عند النسائي: (ما من امرئ تكون له صلاة من الليل يغلبه عليها نوم أو وجع إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة) (١).

أيها الشاب، لا تغتر بشبابك، وتطل منه أملَك في مستقبل الأيام، معتقداً أن أمامك فرصة طويلة في الحياة ببقائك عليها، وزيادة عمرك فيها، ولا تصدق الشيطان وأعوانه من الإنس الذي يمنّونك بمستقبل طويل، ويدْعونك إلى التمتع بشبابك في مراتع الحرام؛ تركًا للطاعات، وإسرافًا على النفس بالغفلة والسيئات.

ويَعِدُونك أنك إذا امتد بك الزمان فستتفرغ للعبادة والنُّسك، بعد أن تريق ماء الشباب في اللذات والشهوات! فسبحان الله! كم استجاب لهذه الدعوة الشيطانية من شبان المسلمين وشاباتهم، فصاروا أُسراء اللهو والعبث، أرقّاء لرغبات النفس ومشتهياتها المحظورة. أفما علموا أن شمس الشباب إلى أفول، وزهرة العمر إلى ذبول، وأن بعد الشباب العجز والهرم، وصعوبةَ العمل، وعُسرَ زوال العادات السيئة التي قد طُبعت على صفحة الشباب، هذا إن امتد بالإنسان العمر. أما إذا بغت الموت، وفجأ الأجل فقد ذهبت الأماني وانطفأ الأمل، وانقطع العمل، فلا تنفع حينئذ الحسرات، ولا يجدي الندم ولا الآهات.

قال البخاري:

اغتنمْ في الفراغ فضلَ ركوع … فعسى أن يكون موتك بغتهْ

كم صحيحٍ رأيت من غير سقم … ذهبت نفسُه الصحيحة فَلتهْ (٢).


(١) فتح الباري لابن حجر (٩/ ١٩٦).
(٢) مقدمة فتح الباري (ص: ٤٨٢).

<<  <   >  >>