للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طال قصير، والفراغ وإن تمَّ يسير" (١).

وقال بعض البلغاء: "الدنيا لا تصفو لشارب، ولا تبقى لصاحب، ولا تخلو من فتنة، ولا تخلو من محنة، فأعرض عنها قبل أن تعرض عنك، واستبدل بها قبل أن تستبدل بك؛ فإن نعيمها يتنقل، وأحوالها تتبدل، ولذاتها تفنى، وتبعاتها تبقى" (٢).

وقال علي رضي الله عنه يصف الدنيا": أولها عناء، وآخرها فناء، حلالها حساب، وحرامها عقاب، من صحَّ فيها سقم، ومن مرض فيها ندم، ومن استغنى فيها فُتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن ساعاها فاتته، ومن قعد عنها أتته، ومن نظر إليها أعمته، ومن نظر بها بصَّرته" (٣).

وقال يزيد الهاشمي: " عيوب الدنيا بادية وهي تغيرها، ومواعظها منادية، لكن حبها يُعمي ويصم، فلا يسمع محبُّها نداءها، ولا يرى كشفها للغير وإيذاءها

قد نادتِ الدنيا على نفسِها … لو كان في العالم من يسمعُ

كم واثقٍ بالعمر أفنيته … وجامعٍ بددتُ ما يجمعُ

كم قد تبدل نعيمها بالضر والبؤس، كم أصبح من هو واثق بملكها وأمسى وهو منها قنوط بؤوس " (٤).

"وقال بعض البلغاء: إن الدنيا تقبل إقبال الطالب، وتدبر إدبار الهارب، وتصل وصال الملول، وتفارق فراق العجول، فخيرها يسير، وعيشها قصير، وإقبالها خديعة، وإدبارها فجيعة، ولذاتها فانية، وتبعاتها باقية، فاغتنم غفوة الزمان، وانتهز فرصة


(١) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ١٣٣).
(٢) المرجع السابق.
(٣) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ١٣٤).
(٤) لطائف المعارف، لابن رجب (ص: ٢٧).

<<  <   >  >>