للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإمكان، وخذ من نفسك لنفسك، وتزود من يومك لغدك" (١).

وقال أبو العتاهية:

هِيَ الدَّارُ دَارُ الْأَذَى وَالْقَذَى … وَدَارُ الْفَنَاءِ وَدَارُ الْغِيَرْ

فَلَوْ نِلْتهَا بِحَذَافِيرِهَا … لَمِتَّ وَلَمْ تَقْضِ مِنْهَا الْوَطَرْ

أَيَا مَنْ يُؤَمِّلُ طُولَ الْخُلُودِ … وَطُولُ الْخُلُودِ عَلَيْهِ ضَرَرْ

إذَا مَا كَبِرْت وَبَانَ الشَّبَابُ … فَلَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ الْكِبَرْ (٢).

"وعن أمير المؤمنين عُمَرَ بن عبد العزيز، رحمه الله، أنه بكى يومًا بين أصحابه، فسُئل عن ذلك، فقال: فَكَّرتُ في الدنيا ولذاتها وشهواتها، فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تَنْقَضِي حتى تكدرها مرارتُها، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر إن فيها مواعظ لمن ادّكر" (٣) ..

وقال ابن القيم: " الدنيا كامرأة بغيٍّ لا تثبت مع زوج، إنما تخطب الأزواج ليستحسنوا عليها فلا ترضى بالدياثة.

ميَّزتُ بين جمالها وفعالِها … فإذا الملاحةُ بالقباحة لا تَفي

حلفتْ لنا أن لا تخونَ عهودَنا … فكأنها حلفتْ لنا أن لا تَفي

السير في طلبها سيرٌ في أرض مسبعة، والسباحة فيها سباحة في غدير التمساح، المفروح به منها هو عين المحزون عليه، آلامها متولدة من لذاتها، وأحزانها من أفراحها.

مآربُ كانت في الشباب لأهلها … عِذابًا فصارت في المشيب عَذابا (٤).


(١) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ١٣٤).
(٢) المرجع السابق (ص: ١٣٧).
(٣) تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٥).
(٤) الفوائد، لابن القيم (ص: ٤٦).

<<  <   >  >>