للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بشبابه، معجب بجماله، كأنّ القبر قد وارى بدنك، وكأنّك لاقيت عملك، ويحك! داوِ قلبك؛ فإنّ مراد اللّه إلى عباده صلاح قلوبهم" (١).

قال جعفر بن محمد المستملي عن أبيه: قرأت على قبر:

مَا حَالُ مَنْ سَكَنَ الثَّرى ما حَالَهُ … أمْسَى وقد قُطِعَتْ هُنَاك حِبَالُهُ

أمْسَى ولا رَوْحُ الحَيَاةِ يُصِيْبُهُ … يَوْمًا ولا لُطْفُ الحَبِيْبِ يَنَالُهُ

أمْسَى وقد دَرَسَتْ مَحَاسِنُ وَجْههِ … وتَفَرَّقَتْ في قَبرِهِ أوْصَالُهُ

واسْتَّبْدَلَتْ منْهُ الْمَجَالِسُ غيْرَهُ … وتُقُسِّمَتْ مِنْ بَعْدِهِ أمْوَالُهُ

أمْسَى وَحيْدًا مُوْحَشًا مُتَفَرِّدًا … مُتَشِتِّتًا بَعد الجَمْيعِ عِيَالُهُ

هَلْ مِنْ قبيْلٍ تَعْلَمْونَ مَكَانَهُ … سَلِمَتْ على حَدَثِ الزَّمانِ رِجَالُهُ (٢).

وعن صدقة بن مرداس البكري قال: نظرت إلى ثلاثة أقبر على شَرف من الأرض مما يلي بلاد أنطاكية فإذا على أحدها مكتوب:

وكيف يَلذُّ العيشُ من هو عالمٌ … بأن إلهَ الخلق لا بدّ سائلُهْ

فيأخذُ منه ظلمَه لعباده … ويجزيه بالخير الذي هو فاعلُه

وإذا على القبر الثاني:

وكيف يلذ العيشُ من كان موقنًا … بأن المنايا بغتةً ستعاجلُه

فتسلبُه ملكاً عظيمًا ونخوةً … وتُسكنه البيتَ الذي هو آهلُه

وإذا على القبر الثالث إلى جنبهما:


(١) أهوال القبور، لابن رجب (ص: ٢٤٤).
(٢) العاقبة في ذكر الموت، للإشبيلي (ص: ٢٠٦).

<<  <   >  >>