للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيعملها الناس بعد رحيله إلى قبره؛ اقتداء به، فتظل صحيفة معاصيه تستقبل الآثام وقد رحل ذلك الإنسان عن الدنيا!

يقول تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: ١٢]. قال ابن كثير: " يقول: ما سنوا من سنة فعمل بها قوم من بعد موتهم، فإن كانت خيراً فلهم مثل أجورهم لا ينقص من أجر من عمل به شيئاً، وإن كانت شراً فعليهم مثل أوزارهم ولا ينقص من أوزار من عمل بها شيئاً" (١).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) (٢).

وشتان ما بين هذا وبين من يموت فتظل صحيفة أعماله تُسجل فيها الأجور الناتجة عن أعمال صالحة خلّفها وراءه، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له) (٣). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مما يلحق المؤمنَ من عمله وحسناته بعد موته: علمًا علمّه ونشره، وولداً صالحًا تركه، ومصحفًا ورّثه، أو مسجداً بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته. يلحقه من بعد موته) (٤).

فاحرص كل الحرص-أيها المسلم- على مفارقة الحياة وقد تخلصت من الذنوب


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٦٨٢).
(٢) رواه مسلم (٢/ ٧٠٤).
(٣) رواه مسلم (٣/ ١٢٥٥).
(٤) رواه ابن ماجه (١/ ٨٨)، وابن خزيمة (٤/ ١٢١)، وهو حسن.

<<  <   >  >>