للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم كنا لا نقول في أحد شيئًا حتى نعلم علام يموت؛ فإن ختم له بخير علمنا أنه قد أصاب خيراً، وان ختم له بشر خفنا عليه" (١).

كما أن المسلم لا ييئس عاصيًا لمعصيته كذلك لا يعجب بعمل عامل حتى ينظر بما يُختم له، ومصداق هذا حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بماذا يختم له؛ فإن العامل يعمل زماناً من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه لدخل الجنة، ثم يتحول ليعمل سيئاً، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحاً. وإذا أراد الله تبارك وتعالى بعبد خيراً استعمله قبل موته). قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه) (٢).

وقال إسحاق بن خالد: "ليس شيء أقطع لظهر إبليس من قول ابن آدم: ليت شعري بماذا يختم لي! قال: يئس عندها إبليس ويقول: متى هذا يعجب بعمله؟! فحدثت به مضاء بن عيسى فقال: يا أحمد، عند الخاتمة فظع بالقوم، فحدثت به أبا عبد الله الساجي فقال: واخطراه! " (٣).

"وقال بعض العارفين لو عرضت علي الشهادة عند باب الدار، والموت على التوحيد عند باب الحجرة؛ لاخترت الموت على التوحيد عند باب الحجرة؛ لأني لا أدري ما يعرض لقلبي من التغيير عن التوحيد إلى باب الدار، وقال بعضهم: لو عرفت واحداً بالتوحيد خمسين سنة، ثم حال بيني وبينه سارية ومات لم أحكم أنه مات على التوحيد" (٤).

"فعياذاً بالله من سوء العاقبة، وشؤم الخاتمة، ولقد بكى سفيان الثوري ليلة إلى


(١) المرجع السابق (٤/ ٢٠٥).
(٢) رواه أحمد (١٩/ ٢٤٦)، وأبو يعلى (٦/ ٤٠١)، والطبراني المعجم الكبير (٨/ ٢٦٤)، وهو صحيح.
(٣) حلية الأولياء، لأبي نعيم (٩/ ٣١١).
(٤) إحياء علوم الدين، للغزالي (١/ ١٢٤).

<<  <   >  >>