للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

= وقيل لآخر ذلك، فقال: كلما أردت أن أقولها فلساني يمسك عنها!! (١).

تعليق ابن القيم:

"وسبحان الله كم شاهد الناس من هذا عبراً، والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم، وإذا كان العبد في حال حضور ذهنه وقوته وكمال إدراكه قد تمكن منه الشيطان واستعمله بما يريده من المعاصي، وقد أغفل قلبه عن ذكر الله تعالى، وعطل لسانه من ذكره وجوارحه عن طاعته؛ فكيف الظن به عند سقوط قواه واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألم النزع، وجمع الشيطان له كل قوته وهمته، وحشد عليه بجميع ما يقدر عليه لينال منه فرصته، فإن ذلك آخر العمل، فأقوى ما يكون عليه شيطانه ذلك الوقت، وأضعف ما يكون هو في تلك الحالة. فمن ترى يسلم على ذلك؟

فهناك: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم ٢٧]. فكيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره واتبع هواه وكان أمره فرطا، فبعيد مَنْ قلبه بعيد من الله تعالى غافل عنه، متعبد لهواه أسير لشهواته، ولسانُه يابس من ذكره، وجوارحه معطلة من طاعته، مشتغلة بمعصية الله؛ أن يوفق لحسن الخاتمة" (٢)؟!.

أسباب سوء الخاتمة (٣):

للنهاية الشقية-أعاذنا الله منها- أسباب توصل إليها، نذكرها للتحذير منها، فمنها:


(١) المرجع السابق.
(٢) الجواب الكافي، لابن القيم (ص: ٦٢).
(٣) تنبيه: من ختم له من المسلمين بمعصية غير الكفر أو بفعل مباح شغل قلبه في الحياة كالتجارة والزراعة ونحوهما فإن ذلك لا يعني خلوده في النار وحرمانه الجنة، بل إن لم تغفر له خطاياه فإنه يعذب بقدر ذنوبه ثم يصير إلى الجنة ما دام أنه من الموحدين. ولكن شتان بين من مات على عمل صالح يبعث عليه وبين من لم يكن كذلك، والله أعلم.

<<  <   >  >>