للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بطلان ما اعتقده من الاعتقادات الحقة، فيكون انكشاف بطلان بعض اعتقاداته سببا لزوال بقية اعتقاداته … فإن كل من اعتقد شيئًا على خلاف ما هو عليه فهو واقع في هذا الخطر ولا يدفعه الزهد والصلاح وإنما يدفعه الاعتقاد الصحيح المطابق لكتاب الله وسنة رسوله … ومنها الإصرار على المعاصي؛ فإن من له إصرار عليها يحصل في قلبه إلفها، وجميع ما ألفه الإنسان في عمره يعود ذكره عند موته، فإن كان ميله إلى الطاعات أكثر يكون أكثر ما يحضره عند الموت ذكر الطاعات، وإن كان ميله إلى المعاصي أكثر يكون أكثر ما يحضره عند الموت ذكر المعاصي .. ومنها العدول عن الاستقامة؛ فإن من كان مستقيمًا في ابتدائه ثم تغير عن حاله وخرج مما كان عليه في ابتدائه يكون سببًا لسوء خاتمته" (١).

وقال ابن رجب: "وقوله: {فيما يبدو للناس} إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأمر يكونُ بخلافِ ذلك، وإنَّ خاتمة السُّوءِ تكونُ بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سُوءَ الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجلُ عملَ أهل النَّارِ وفي باطنه خصلةٌ خفيةٌ من خصال الخير، فتغلب عليه تلكَ الخصلةُ في آخر عمره، فتوجب له حسنَ الخاتمة. قال عبد العزيز بن أبي روَّاد: حضرت رجلاً عند الموت يُلَقَّنُ لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافرٌ بما تقول، ومات على ذلك، قال: فسألتُ عنه، فإذا هو مدمنُ خمرٍ. فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب؛، فإنَّها هي التي أوقعته" (٢).

اللهم إنا نسألك الخاتمة الحسنة، ونعوذ بك من الخاتمة السيئة بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.


(١) يقظة أولي الاعتبار (ص: ٢١١).
(٢) جامع العلوم والحكم، لابن رجب (٦/ ٣٠).

<<  <   >  >>