للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الموصل إليه، وأعرفهم بحال السالكين عند القدوم عليه" (١).

قال ابن القيم: " فمدار العلوم كلها على معرفة الله وأمره وخلقه، وذلك مسلم إلى الرسل صلوات الله عليهم وسلامه، فهم أعلم الخلق بالله وأمره وخلقه وحكمته في خلقه وأمره" (٢).

فما أعظم هذا العلم وأشد حاجة الخلق إليه، وما أخسر من لم يكن له حظ من هذا العلم والمعرفة به! ولو حصَّل مِنْ سواه من العلوم ما حصل ونبغ فيها ما نبغ. " فأي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله، وأي حقيقة أدرك من فاتته هذه الحقيقة، وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله والعمل بمرضاته، ومعرفة الطريق الموصلة إليه ومآله بعد الوصول إليه" (٣).

إن العالم بالله تعالى معمور القلب بتعظيمه وإجلاله، ومحبته والأنس به، والانقياد التام لما جاء عنه، لا يتسع لمزاحمة غيره له في التعلق والاستسلام والحب والرهبة والرغبة. وجوارحه مشغولة بالجِدِّ في مرضاته؛ عملاً بأوامره، وتركًا لنواهيه، ووقوفًا عند حدوده.

يعيش في الدنيا غريبًا مسافراً؛ لأن الله تعالى لم يرضها له دار وطن، بل جعلها دار ضعن، يرتحل منها إلى الدار التي جعلها ربه دارَ أحبابه؛ فلذلك يظل في هذه الحياة القصيرة مشتاقًا لا يغادره الشوق حتى ينزل في تلك الدار فيلقى مولاه الحبيب سبحانه.

آثار معرفة الله تعالى والعلم به:

لاشك أن من ظفر بمعرفة الله تعالى ونال علمًا به أنه سينال خيراً كثيراً في الدنيا


(١) الصواعق المرسلة، لابن القيم (١/ ١٥١).
(٢) الطب النبوي، لابن القيم (٦١/ ١١).
(٣) هداية الحيارى، لابن القيم (ص: ١٩٢).

<<  <   >  >>