للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عذابُه فيك عذْبُ … وبُعدُه عنك قربُ

وأنت عندي كروحي … بل أنتَ منها أحبُّ

حسبي من الحُب أني … لما تُحب أحب

وقال بعض المحبين في هذا المعنى:

ويَقبحُ مِنْ سواك الفعلُ عندي … فتفعلُه فيحسن منك ذاكا" (١)

رابعًا: حلاوة العيش، وهدوء البال، واستقرار النفس، فمعرفة الله تعالى تصرف عن نفس صاحبها الكدر والاضطراب والشتات، حتى يحيا سعيداً وهو في جوف الأخطار، مبتسمًا وهو بين أشداق الأضرار، ناعمًا وهو في حضن الأكدار. فمن" عرف الله تعالى صفا له العيش، وطابت له الحياة، وهابه كلّ شيء، وذهب عنه خوف المخلوقين، وأَنِس بالله. ومن عرف الله قرّت عينه بالله وقرّت به كلُّ عين، ومن لم يعرف الله تقطَّع قلبه على الدّنيا حَسَرَاتٍ، ومن عرف الله لم يبق له رغبةٌ فيما سواه" (٢).

قال ابن الجوزي: " ليس في الدنيا ولا في الآخرة أطيب عيشاً من العارفين بالله عز وجل؛ فإن العارف به مستأنس به في خلوته، فإن عمّت نعمةٌ علم من أهداها، وإن مرَّ مُرٌّ حلا مذاقه في فيه، لمعرفته بالمبتلي، وإن سأل فتعوق مقصوده، صار مراده ما جرى به القدر؛ علماً منه بالمصلحة بعد يقينه بالحكمة، وثقته بحسن التدبير" (٣).

وقال أحمد بن عبد الحليم: " فإن اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه، إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده والإيمان به: وانفتاح الحقائق الإيمانية والمعارف القرآنية كما قال بعض الشيوخ: لقد كنت في حال أقول


(١) صيد الخاطر، لابن الجوزي (ص: ٦٨).
(٢) بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيروزآبادي (ص: ١١١٢) بتصرف.
(٣) صيد الخاطر، لابن الجوزي (ص: ١٠٢).

<<  <   >  >>