للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سعادتك، وبأي شيء شقاؤك؟ " (١).

ثانيًا: التفكر في آيات الله في الوجود، ففي الحياة مشاهد تدل على عظمة الله وقدرته وتوحيده، وقوته وحكمته وحسن خلقه، وإتقان ما أوجد وإحكامه؛ ولهذا دعا الله تعالى وأمر في آيات عديدة من القرآن الكريم بالنظر في مخلوقات الله تعالى، قال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [يونس: ١٠١]، وقال: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت: ٢٠]. وقال: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: ١٧] {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغاشية: ١٨] {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} [الغاشية: ١٩] {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: ٢٠].

قال ابن القيم: "لمعرفة الله طريقان: النظر في مفعولاته، والتفكر في آياته وتدبرها. فتلك آياته المشهودة، وهذه آياته المسموعة المعقولة" (٢).

ثالثًا: قراءة كلام الله وتدبره ووعيه والعمل به؛ فالقرآن العظيم تضمن الأدلة المعرِّفة بالله تعالى، المبرهنة على كماله وجماله وجلاله، وذلك يدعو إلى معرفته والعلم به.

و"معرفة الله سبحانه نوعان: معرفة إقرار، وهي التي اشترك فيها الناس البر والفاجر والمطيع والعاصي، والثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له وتعلق القلب به، والشوق إلى لقائه وخشيته والإنابة إليه والأنس به والفرار من الخلق إليه، وهذه هي المعرفة الخالصة الجارية على لسن القوم وتفاوتهم فيها لا يحصيه إلا الذي عرفهم بنفسه، وكشف لقلوبهم من معرفته ما أخفاه عن سواهم، وكلٌّ أشار إلى هذه المعرفة بحسب مقامه وما كشف له منها، وقد قال أعرف الخلق به: (لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) (٣) وأخبر أنه


(١) كيمياء السعادة، للغزالي (ص: ١).
(٢) الفوائد، لابن القيم (٢٢).
(٣) رواه مسلم (١/ ٣٥٢).

<<  <   >  >>