للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بتحصيل الانتفاع به، وجني ثمراته في حال الحياة وبعدها. فمن غايات إنزال هذا الكتاب الكريم:

الاهتداء به من كل شر وباطل إلى كل خير وحق؛ من الكفر إلى الإسلام، ومن العصيان إلى الطاعة، ومن الجهل إلى العلم، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الحيرة إلى الاطمئنان والهدى. قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: ١٨٥]. قال ابن كثير: " هذا مدح للقرآن الذي أنزله الله هدى لقلوب العباد ممن آمن به وصدقه واتبعه {وَبَيِّنَاتٍ} أي: دلائل وحجج بينة واضحة جلية لمن فهمها وتدبرها دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال، والرشد المخالف للغي، ومفرقاً بين الحق والباطل والحلال والحرام" (١).

وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: ٩].

"يقول تعالى ذكره: إن هذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرشد ويسدّد من اهتدى به (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) يقول: للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل، وذلك دين الله الذي بعث به أنبياءه وهو الإسلام، يقول جلّ ثناؤه: فهذا القرآن يهدي عباد الله المهتدين به إلى قصد السبيل التي ضل عنها سائر أهل الملل المكذبين به" (٢).

ومن غايات إنزال هذا الكتاب الكريم:

تلاوته وقراءته؛ فهو خطاب الملِك لرعيته، والسيد لعبيده، فكان أحرى أن يُتلى بعناية، ويُقرأ باهتمام، إذ بقراءة القرآن الوصول إلى اتباعه، وتنفيذ ما دعا إليه، والبعد عما حذر منه، وبتلاوته نيل الأجور، وصلاح الأرواح وحياتها من موت الكفر والعصيان


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٢٦٩).
(٢) تفسير الطبري (١٧/ ٣٩٢).

<<  <   >  >>