للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لا تلعنه؛ فإنه يجب الله ورسوله) ". (١).

ثالثًا: كمال الأنس بمناجاة الله تعالى، والتلذذ بالخلوة به. قال ابن قدامة المقدسي: " علامة المحبة: كمال الأنس بمناجاة المحبوب، وكمال التنعيم بالخلوة به، وكمال الاستيحاش من كل ما ينقض عليه الخلوة، ومتى غلب الحب والأنس صارت الخلوة والمناجاة قرة عين تدفع جميع الهموم، بل يستغرق الحب والأنس قلبه" (٢).

رابعًا: حب كلام الله تعالى، وما جاء من عنده، من غير إعمال الاختيار مما صدر عنه مما يوافق الهوى ورغبة النفس.

قال أبو طالب المكي: " ومن علامة حب اللّه: حب القرآن" (٣).

خامسًا: اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاهتداء بهديه.

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: ٣١]. قال ابن كثير: "هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي، والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)؛ ولهذا قال: {قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تُحِب، إنما الشأن أن تُحَب. وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله، فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال: {قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبّونَ اللّهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} " (٤).


(١) قاعدة في المحبة (ص: ٧٢).
(٢) مختصر منهاج القاصدين للمقدسي (٤/ ١١٧).
(٣) قوت القلوب، لأبي طالب المكي (١/ ١٠٥).
(٤) تفسير ابن كثير (١/ ٤٤٠).

<<  <   >  >>