للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا دخل على الحبيب أفيضت عليه الخِلَع من كل ناحية؛ ليُمتَحن: أيسكن إليها فتكون حظه، أم يكون التفاته إلى من ألبسه إياها" (١).

خامسًا: الرضا بقضائه وقدره، واستقبال ما جاء من المكاره من غير سخط ولا ضجر

كان عامر بن عبد قيس يقول: أحببت الله حبًا سهل عليَّ كل مصيبة، ورضّاني بكل قضية، فما أبالي مع حبي إياه ما أصبحت عليه وما أمسيت (٢).

إن" المحب يجد في لذة المحبة ما ينسيه المصائب، ولا يجد من مسها ما يجد غيره، حتى كأنه قد اكتسى طبيعة ثانية ليست طبيعة الخلق، بل يقوى سلطان المحبة حتى يلتذ المحب بكثير من المصائب التي يصيبه بها حبيبه أعظم من التذاذ الخلي بحظوظه وشهواته، والذوق والوجد شاهد بذلك" (٣).

سادسًا: الوقوف عند حدود الله، وبلوغ المراتب العالية في معراج العبودية، فالمؤمن المحب لا يتجاوز ما حدّ له محبوبه، بل يسعى إلى الترقي إلى أعلى رتب الذل والخضوع والانقياد لما جاء عنه سبحانه.

وما " حفظت حدود الله ومحارمه، ووصل الواصلون إليه بمثل خوفه ورجائه ومحبته، فمتى خلا القلب من هذه الثلاث فسد فساداً لا يرجى صلاحه أبداً، ومتى ضعف فيه شيء من هذه ضعف إيمانه بحسبه" (٤).

"ولا ريب أن كمال العبودية تابع لكمال المحبة، وكمال المحبة تابع لكمال المحبوب في نفسه، والله سبحانه له الكمال المطلق التام في كل وجه الذي لا يعتريه توهمُ نقصٍ أصلاً،


(١) الفوائد، لابن القيم (ص: ٧٧).
(٢) كيف نحب الله ونشتاق إليه، مجدي الهلالي (ص: ٩).
(٣) مدارج السالكين، لابن القيم (٣/ ٣٦).
(٤) متاح دار السعادة، لابن القيم (٢/ ٨٨).

<<  <   >  >>