للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مزيداً، والتقوى خير زاد؛ كما قال الحطيئة:

ولستُ أرى السعادةَ جمعَ مالٍ … ولكنَّ التقيَّ هو السعيدُ

وتقوى اللّهِ خيرُ الزادِ ذُخراً … وعندَ اللّهِ للأتقى مزيدُ" (١).

رابعًا: أنها جمال الباطن، الذي هو أهم من جمال الظاهر

قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: ٢٦]. " أي: ولباس التقوى هو خير من لباس الثياب؛ لكونه أهم اللباسين؛ لأنّ نزعه يكشف العورة الحسية والمعنوية، فلو تجمل الإنسان بأحسن الملابس وهو غير متقٍّ كان كله سوآت، ولو كان متقياً وليس عليه إلا خريقةُ ثوبٍ تواري عورته كان في غاية الجمال والكمال، وأنشدوا في المعنى:

إذا أنتَ لم تلبس ثياباً من التُّقى … عَرِيتَ وإن وارى القميصَ قميصُ" (٢).

قال ابن القيم: " فذكر سبحانه زينة ظواهرهم وبواطنهم، ونبههم بالحسي على المعنوي" (٣).

خامسًا: أنها الحارس الأمين حيثما كان الإنسان؛ فهي التي تأمره بفعل الجميل، وتنهاه عن فعل القبيح، وهي الكلمة التي تزجر من وقع في محظور فترده إلى جادّة الحق

عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت، وأتبعِ السيئةَ الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) (٤). " وهذا من جوامع الكلم؛ فإن التقوى وإن قل لفظها كلمة جامعة، فحقه -تقدس- أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا


(١) الأغاني، للأصفهاني (٢/ ١٦٧).
(٢) تفسير السراج المنير، للشربيني (١/ ٣٧٢).
(٣) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم (١/ ٢٧١).
(٤) رواه الترمذي (٤/ ٣٥٥)، وهو حسن.

<<  <   >  >>