٣- أن المادة الدراسية ليست غاية في حد ذاتها، ولكنها وسيط تعلم وقناة لاتصال التلميذ بعالمه الخارجي.
كثير من المعلمين -مع الأسف الشديد- لا يزالون يعيشون في مفهوم التدريس على أنه بلاغ بالمعرفة، ومن ثم فإنهم يتصورون أنهم قد أدوا مهماتهم -على الوجه الأكمل- إذا ما خططوا دروسهم ونفذوها بالشرح الوافي والعرض المفصل.
هذا، مع أن البلاغ بالمعرفة لم يعد هو جوهر التدريس، ولكن أصبح جوهر التدريس هو نشاط المتعلم لاكتساب مختلف الخبرات ذاتيا، ففي هذا كشف لمدى دافعيته نحو ما يتعلمه، ومدى مواكبة قدراته لما يتعلم، ومدى وفاء ما يتعلم بحاجاته وتوافقها مع ميوله، ثم إن نشاط المتعلم في الموقف التدريسي ينبغي أن يكسبه دربة في حل المشكلات، وفي التفكير والإبداع، وفي التعليم الذاتي، وهذا ملاك الأمر كله في عملية التحصيل.
أما المعرفة في مختلف الميادين فهي مفاتيح يستعين بها الطالب في فتح مغاليق الحياة. فتدريس الدراسات الإسلامية لا يحقق الهدف منه ما لم تنتقل مفاهيهما وحقائقها إلى سلوك التلاميذ، وتدريس اللغة العربية يفقد وظيفته ما لم يستخدمها التلاميذ استخدامًا صحيحًا في تعبيرهم الشفوي والتحريري. وتدريس الرياضيات لن يؤتي ثماره ما لم يساعد المتعلم على فك رموز حياته وحل مشكلاتها الكمية بصفة خاصة.
وكل مما سبق، لا يمكن بلوغه بالصورة المطلوبة, ما لم يكن المتعلم عنصرًا نشطًا في الموقف التعليمي تحت إشراف المعلم وتوجيهه، وما لم يبذل المعلم الجهد الكافي لمعرفة تلاميذه أفرادًا وجماعات، بما في ذلك خصائصهم التحصيلية، ومن أهم الخطوات التي تساعد على تحقيق ذلك أن يوجه المعلم خطة الدرس إلى تحقيقه، ويوفر المناخ المناسب لإنفاذه أثناء التدريس.
٤- أن الدرس حلقة في سلسلة متتابعة من الدروس:
إن الذي دفعنا لتأكيد التتابع هنا أن كثيرًا من خطط الدروس تبدو وكأن الدرس وحدة تدريسية لا صلة لها بغيرها، وعلاجا لهذا الخطأ. جاءت فكرة "التخطيط لتدريس وحدة أو موضوع" تحقيقًا لمفهوم تكامل الدروس المكونة للوحدة أو الموضوع. ولذلك فإنه مع كون الدرس وحدة تدريسية مستقلة بحكم تأديته في فترة زمنية محددة، إلا أن كل درس يتخذ مما سبقه من دروس أساسًا، وهو -في الوقت نفسه- خطوة على طريق الوصول إلى الدروس التي تليه. ومن هنا كان الارتباط بين خطة تدريسه بخطط ما سبقه من دروس وما سوف يلحقه منها أمرًا ضروريا. وخاصة التتابع والاستمرار التي نؤكدها هنا ذات شعب ثلاث: الشعبة الأولى، تتعلق بالتلميذ في أمور مثل دافعيته نحو الدرس ومدى قدرته على