ومنهجنا في استلهام القرآن الكريم أن لا نواجهه بمقررات سابقة إطلاقا -لا مقررات عقلية ولا مقررات شعورية- من رواسب الثقافات التي لم نستقها من القرآن ذاته, نحاكم إليها نصوصه؛ أو نستلهم معاني هذه النصوص وفق تلك المقررات السابقة ...
ثم إننا لا نحاول استعارة "القالب الفلسفي" في عرض حقائق "التصور الإسلامي"؛ اقتناعا منا بأن هنالك ارتباطا وثيقا بين طبيعة "الموضوع" وطبيعة "القالب", وأن الموضوع يتأثر بالقالب, وقد تتغير طبيعته ويلحقها التشويه، إذا عرض في قالب، في طبيعته وفي تاريخه, عداء وجفوة وغربة عن طبيعته! الأمر المتحقق في موضوع التصور الإسلامي والقالب الفلسفي. والذي يدركه من تذوق حقيقة هذا التصور كما هي معروضة في النص القرآني!
وكلمة أخرى في المنهج الذي نتوخاه في هذا البحث أيضا ...
إننا لا نستحضر أمامنا انحرافا معينا من انحرافات الفكر الإسلامي، أو الوقائع الإسلامي ثم ندعه يستغرق اهتمامنا كله، بحيث يصبح الرد عليه وتصحيحه هو المحرك الكلي لنا فيما نبذله من جهد في تقرير "خصائص التصور الإسلامي ومقوماته", إنما نحن نحاول تقرير حقائق هذا التصور -في ذاتها- كما جاء بها القرآن الكريم كاملة شاملة، متوازنة، متناسقة تناسق هذا الكون وتوازنه، وتناسق هذه الفطرة وتوازنها.
ذلك أن استحضار انحراف معين، أو نقص معين؛ والاستغراق في دفعه، وفي صياغة حقائق التصور الإسلامي للرد عليه ... منهج شديد الخطر وله معقباته في إنشاء انحراف جديد في التصور الإسلامي لدفع انحراف قديم ...