إن من أكثر الألفاظ دورانا على الألسنة, وتداولا بين الناس: لفظ "العقيدة" وما يقاربها ويتفق معها في الاشتقاق، كالاعتقاد، والعقائد، والعقدي ... وعلى كثرة استعمال هذه الكلمة التي غدت مصطلحا شائعا، فإننا لا نجد لها استعمالا في القرآن الكريم ولا في الحديث النبوي الشريف، وإن كانت المادة موجودة في القرآن الكريم, كما في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١] , وقوله:{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}[المائدة: ٨٩] .
ولذلك يرى بعض الباحثين أنها مُستحدَثة في العصر العباسي للمعنى الذي استعملت فيه، وأن اللفظ المستعمل في القرآن الكريم والحديث الشريف:"الإيمان". وقد استعمل لفظ "العقيدة" أجيالٌ من أئمة المسلمين بمعنى: الأفكار الأساسية التي يجب على المؤمن بدين أن يصدقها ويقبلها, أي: يعتقدها. واستعمال السلف من العلماء والأئمة دليل على جواز استعمال هذه الكلمة لهذا الجانب من جوانب الدين١.
ولعل هذا يدعونا إلى استقراء المصطلحات الفنية بعد تدوين العلوم الإسلامية، التي بُحثت هذه الأفكار العقدية من خلالها، لنبين أصل استعمال كل
١ "الفكر الإسلامي الحديث في مواجهة الأفكار الغربية" للأستاذ محمد المبارك, ص٧٥.