يتحدث عن الحكمة ويتشدَّق بها، ولكنه يبتعد عنها في واقعه وفكره، فقد قالوا: إن الحكمة هي وضع الأمور في مواضعها، وإن أول ما ينبغي أن يتبادر إلى الذهن في هذا المجال: أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى الإنسان ووهبه جملة من المواهب والملكات والإمكانيات، وزوّده بأدوات العلم والمعرفة؛ لتساعده على تحقيق وظيفته وغايته في هذه الحياة، كما أراد الله سبحانه وتعالى. وكل أداة أو وسيلة ينبغي أن تستخدم فيما أُعدت له، وإلا فإن من يفعل غير ذلك يكون قد سَفِهَ نفسه وعقله.
أرأيت إنسانا يستخدم عينه ليتعرف بها على رائحة شيء ما؟ أو يستخدم أنفه ليبصر ما أمامه من موجودات..؟
إنك لو رأيت من يفعل ذلك لحسبته مجنونا، وكذلك فإن لكل أداة من أدوات العلم والمعرفة مجالا تعمل فيه وطاقة محدودة لها تتناسب معها ومع قيمتها.
للعقل دور محدود:
ولذلك يخطئ كثير من الناس عندما يريدون أن يجعلوا عقولهم حَكَما في كل شيء، حتى فيما لا يستطيع العقل أن يعمل فيه أو يفكر؛ لأنه لو فعل ذلك لن يصل إلى شيء؛ لأنه لم يخلق لهذا الذي أقحمه صاحبه فيه، وما هو بقادر على أن يصل إلى ما يريد.
فلو راح الإنسان يتعرف على عالم الغيب؛ بحقيقته وموجوداته وطبيعته ... فهل تراه يصل إلى شيء من العلم بعقله, مجردا عن الوحي؟