ومن تلك المعاني اللغوية للولاء وما يتصل بها، ومن مراجعة النصوص القرآنية والحديثية وأقوال علماء السلف؛ يمكن أن نخرج بمفهوم عامّ للولاء يقوم على النصرة والتحالف والحب والطاعة وإلقاء مقاليد الأمور لمن يكون له الولاء.
فإذا كان ذلك للمؤمنين: مودة لهم ونصرة لهم على أعدائهم ... فهي الموالاة الشرعية التي أوجبها الله تعالى, وجعلها رابطة بين المؤمنين, حيث قال:
" ... والولاية التي ينهى الله الذين آمنوا أن تكون بينهم وبين اليهود والنصارى ... تعني التناصر والتحالف معهم، ولا تتعلق بمعنى اتباعهم في دينهم، فبعيد جدا أن يكون بين المسلمين من يميل إلى اتباع اليهود والنصارى في الدين. إنما هو ولاء التحالف والتناصر الذي كان يلتبس على المسلمين أمره، فيحسبون أنه جائز لهم، بحكم ما كان واقعا من تشابك المصالح والأواصر، ومن قيام هذه الولاء بينهم وبين جماعات من اليهود قبل الإسلام، وفي أوائل العهد بقيام الإسلام في المدينة، حتى نهاهم الله عنه، وأمر بإبطاله، بعدما تبين عدم إمكان قيام الولاء والتحالف والتناصر بين المسلمين واليهود في المدينة ...
وهذا المعنى معروف محدد في التعبيرات القرآنية، وقد جاء في صدد الكلام عن العلاقة بين المسلمين في المدينة والمسلمين الذين لم يهاجروا إلى دار الإسلام، فقال الله سبحانه:{مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} ... وطبي عي أن المقصود هنا ليس الولاية في الدين؛ فالمسلم ولي المسلم في الدين على كل حال، إنما المقصود هو ولاية التناصر والتعاون، فهي التي لا تقوم بين المسلمين في دار الإسلام والمسلمين الذين لم يهاجروا إليهم.. وهذا اللون من الولاية هو الذي تمنع هذه الآيات أن يقوم بين الذين آمنوا وبين اليهود والنصارى بحال، بعدما كان قائما