يعقد الإسلام آصرة الأُخوَّة الإيمانية بين أفراده الذين يؤمنون به ويلتقون عليه، فيجعل منهم أمة واحدة، تلتقي على العقيدة والإيمان، دون التفات إلى الجنس الذي ينحدرون منه، أو البلد الذي ينتسبون إليه، أو الزمن الذي يعيشون فيه، أو المصالح المادية التي قد يلتقي عليها بعض الناس، فقال الله تعالى:
وقرر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الأصل الكبير في أول ميثاق لدولة الإسلام في المدينة بعد الهجرة، وجعله واقعا عمليا بين "المؤمنين والمسلمين ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم.. أنهم أمة واحدة دون الناس، وأن المؤمنين المتقين أيديهم على كل من بغى منهم، وأن ذمة المؤمنين واحدة يجير عليهم أدناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس"١.
وما ذاك إلا لأنهم جميعا إخوة متحابون ينضوون تحت راية التوحيد "لا إله إلا الله" التي تظلّهم جميعا فتجعلهم أمة واحدة، تتمسك بأوثق عرا الإيمان، وهو الحب في الله والبغض في الله.
ومن مقتضيات هذا التوحيد والإخاء: عقد الولاء بين المؤمنين والبراء من الكفار والمشركين١. إذ لا يتم الولاء للمؤمنين إلا بالبراءة من المشركين، فهما متلازمان.
١ مقتطفات من كتابه -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار واليهود في المدينة بعد الهجرة. انظر نص هذا الكتاب بالتفصيل وتخريج فقراته في: "مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة" ص٥٧-٦٤.